عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أموال تميم الملعونة

أموال تميم الملعونة

بقلم : هاني عبدالله

فيما كانت «البورصة القطرية» تواصل اضطراباتها [وفقًا لتقارير دولية] خلال الأشهر الست الأخيرة؛ إذ تراجعت- كذلك-  فى ختام تعاملاتها أمس الأول (الخميس) مُحققة خسارة سوقية قيمتها 857.6 مليون ريال قطرى [أي: 235.7 مليون دولار أمريكى]، كانت الأموال القطرية (خلال الأشهر الست نفسها) تتدفق على عديدٍ من «بيوت التفكير» ووسائل الإعلام «الدولية»؛ لغسل سمعة الدويلة الأكثر دعمًا لتنظيمات التطرف والإرهاب (!)



.. إذ بداية من يونيو المنصرم (على سبيل المثال)، كان أن كثَّفت «الدويلة القطرية» من إغداقاتها على عددٍ من كتاب الأعمدة بـ«واشنطن تايمز» لنشر  نحو 25 مقالاً؛ لإعادة الترويج دوليًّا للدوحة وأجندتها فى الشرق الأوسط (!)

فبحسب تقرير أخير [ومثير أيضًا] كتبه كلٌ من: «مارتا لى» (Martha Lee)، و«سام وستروب» (Sam Westrop)، لحسـاب موقع ومجلة «واشنطن إجزامنر» (Washington Examiner)؛ فإنَّ صحيفة «واشنطن تايمز» نشرت، فى الرابع من يونيو المنقضى، «قسمًا خاصًا» من المقالات، التى أثنت من خلالها على قطر ومؤسساتها وتأثيرها العالمى (!).. وهو ما يبدو للوهلة الأولى «اقتحامًا مفاجئًا»  من قبل الأموال القطرية لأبواب «صحيفة محافظة» كان مجلس تحريرها (فى السابق) ينتقد ممارسات «الدوحة» داخل الشرق الأوسط (!)

ويوضح التقرير الذى حمل عنوان: «كيف تشترى قطر الأعمدة المحافظة؟» (How Qatar is buying conservative column inches?)، أن الأموال القطرية موجودة فى كل مكان تقريبًا، داخل الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنَّ تأثيرها خلال السنوات السابقة كان- فى الأغلب- على بعض قوى اليسار الأمريكى (!).. إذ إنَّ المنصة الجديدة التابعة لمجموعة الجزيرة الإخبارية «أيه جى بلس» (AJ+) دخلت- على سبيل المثال- فى شـراكة قــويـة مـــع برنــامج «ذى يونـج تيــركس» (The Young Turks).

وفى الحقيقة (والتفاصيل لنا)، فإنّ برنامج «ذى يونج تيركس» (The Young Turks)، المدعوم من «اليسار التقدمى» بالولايات المتحدة الأمريكية، هو البرنامج الرئيس على شبكة (TYT)، وهى شبكة متعددة القنوات على الإنترنت يُركز مضمونها على الأخبار والأحداث الجارية.. إذ بدأ البرنامج- فى العام 2002م- كبرنامج إذاعـى، يتم عرضه عـلى (Sirius Satellite Radio)، ثــم تـم نقله لاحقًا على (Air America)، قبل إطلاقه على الويب فى العام 2005م على «يوتيوب»..  وفى العام 2018م، تم عرضه على شبكة الأخبار الإقليمية (WMCN)، التابعة لمحطة «نيو جيرسى» التليفزيونية.

.. وعندما أطلقت أخيرًا «الجزيرة القطرية» منصتها «أيه جى بلس» (AJ+)، كان لتأثير تدفق الأموال القطرية أثره فى توقيع شراكة بين منصتها والبرنامج، ومحاولة الاستفادة بـ«الدعم التقنى» للبرنامج، فى كيفية تحويل المنصة الإلكترونية إلى برامج جاذبة لشرائح مُجتمعية مختلفة (!)

وفى الواقع.. فإنَّ ما حدث مع «واشنطن تايمز» (ومن قبلها برنامج «ذى يونج تيركس»)، لم يكن فريدًا من نوعه فى سياق محاولات «غسل السمعة القطرية» ودعمها للإرهاب (بين أروقة الإعلام الدولى)؛ إذ وفقًا لمعلومات التقرير السابق نفسها، فإنَّ «الدويلة القطرية» انتهجت الأسلوب ذاته مع «بيوت التفكير» والرأى البارزة داخل الولايات المتحدة الأمريكية.. وكان المثال الأشهر فى هذا السياق، هو «معهد بروكينجز» (Brookings Institution)؛ إذ تدفقت عشرات الملايين من الدولارات على المعهد من قبل «الدويلة القطرية» خلال الأعوام الماضية.. ففيما شهد العام الماضى- فقط- حصول المعهد على ما يقرب من 2 مليون دولار من قبل النظام القطرى،كان أن شهد العام 2013م (الذى سقط فيه حكم الإخوان فى مصر) ضخ نحو 15 مليون دولار داخل «بروكينجز» [فى حالة من الكرم القطري!].

.. وكان الهدف بالتأكيد، هو توجيه العملية البحثية لحساب الأجندة القطرية الداعمة لتنظيم الإخوان (الإرهابى)؛ إذ كانت «الدوحة» هى إحدى نقاط الارتكاز التى اعتمدت عليها سياسات الإدارة الأمريكية السابقة (إدارة أوباما) فى دعم صعود «الإخوان» للسلطة داخل المنطقة (وفقًا لما كشفنا عنه فى أكثر من مناسبة سابقة).. وذلك بالاعتماد على كل من «الدوحة» (قطر)، و«أنقرة» (نظام إردوغان)؛ لتعميق الاتصالات مع «قوى الإسلام السياسى» بالشرق الأوسط.

وفى إطار تداخل الأجندات قُبيل ما اصطلح على تسميته بـ«ثورات الربيع العربى»، كان أن مثَّل ذروة هذا التداخل «منتدى أمريكا والعالم الإسلامى» الذى استضافته «الدوحة»، خلال الفترة من: 13 إلى 15 فبراير من العام 2010م، فى تعاون (مباشر) بين «الحكومة القطرية»، ومعهد «بروكنجز» (The Brookings Institution).. وهو «منتدى» تم افتتاحه بكلمة «مسجلة» جديدة للرئيس الأمريكى «باراك أوباما»، تحدّث خلالها عن «البدايات الجديدة» مع العالم الإسلامى.. وفى حضور الرئيس التركى «رجب طيب إردوغان» (كان رئيسًا للوزراء، وقتها).

وفى حين شارك بعض ممثلى «الأنظمة العربية» بعدد من تلك الفعاليات؛ كان أن مثّل الجانب الأمريكى (خلال أيام المنتدى الثلاثة)، كل من: وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة «هيلارى كلينتون»، والسناتور «جون كيرى» (وزير الخارجية فى ولاية أوباما الثانية)، والسفير «ريتشارد هولبروك» (Richard Holbrooke)، ومبعوثة الخارجية الأمريكية الخاصة للجالية الإسلامية «فرح بانديث» (Farah Pandith)، والمبعوث الأمريكى لمنظمة التعاون الإسلامى «رشاد حسين» (Rashad Hussain)، ومدير «إدارة الارتباط العالمى» المُستحدثة «براديب رامامورثى» (Pradeep Ramamurthy).. إلى جانب كل من: نائب رئيس «معهد بروكنجز» للسياسة الخارجية «مارتن إنديك» (Martin Indyk)، ومدير الاستخبارات السابق بمكتب «الاستخبارات والأبحاث» التابع لوزارة الخارجية الأمريكية «ألين كايسويتر» (Allen Keiswetter).

(لمزيد من التفاصيل.. يُمكن الرجوع لكتابنا: «صُنع فى واشنطن»: وثائق تفكيك الشرق الأوسط/ ط: مؤسسة روزاليوسف).

ووفقًا لتقرير [مارتا وسام]، فإنَّ كرم الدوحة على «معهد بروكينجز» أتاح مركزًا فخمًا للمعهد فى الدوحة.. وفى الوقت نفسه، أتاح لـ«النظام القطرى» التمتع بتدفق مطرد من «الأوراق الأكاديمية»، التى تُقلل من رعاية الإمارة الصغيرة للإرهاب، وتيارات العنف(!).. وتسويقها على أنها ليست أكثر من محاولات جادة للحوار (!)

.. كما لم تقف محاولات الدوحة عند حدود «بروكينجز» فحسب؛ إذ سعت قطر إلى تكرار التجربة مع عديد من الجامعات الأمريكية (بما فى ذلك الكليات العامة).

يوضح تقرير [مارتا وسام]، أيضًا، أن النظام القطرى قدَّم خلال السنوات القليلة الماضية عروضًا نقدية ودعوات سفر لعديدٍ من المنظمات اليهودية الأمريكية الرائدة (منذ العام 2017م).. وأنَّ «المنظمة الصهيونية الأمريكية» أعلنت على نطاق واسع فى وسائل الإعلام اليهودية تلقيها دعوات قطرية للتمويل.. إذ كانت الدوحة، أيضًا، تسعى نحو كسب الدعم اليهودى الأمريكى (!)

كما كشف عديدٌ من وسائل الإعلام (خلال الفترة نفسها) عن أنَّ الجمهورى البارز «مايك هاكابى» (Mike Huckabee)، قبل أيضًا 50 ألف دولار، ورحلة إلى الدوحة.. وفيما ذهب عدد من وسائل الإعلام إلى أن إدراج «هاكابى» على قوائم التمويل القطرية، يرجع لعلاقاته الطويلة مع المنظمات اليهودية المؤيدة لإسرائيل؛ ذهب عددٌ آخر إلى أنَّ الهدف علاقته بالحزب الجمهوري؛ إذ كانت تسعى «الدوحة» لتمرير رسائلها- أيضًا- عبر الإعلام الأمريكى المحافظ.

يقول كاتبا التقرير: كان ظهور الرسائل الموالية للقطريين فى صحيفة «واشنطن تايمز» (المحافظة) فى 4 يونيو مهمًا، ولكنه ليس جديدًا. فمن بين المقالات الـ25 المنشورة، كتب «تيم قسطنطين» (من كتاب التايمز) خمسة مقالات وحده (وهو من المنتظمين فى التجمعات «الجمهورية»، وله بعض التأثير كمضيف إذاعى لبرنامج «The Capitol Hill Show». على مدى السنوات القليلة الماضية).. إذ استخدم قسطنطين كلًّا من «أعمدة التايمز»، و«برنامجه الإذاعى»؛ لتحصين قطر، وإدانة خصومها فى المنطقة (!)

ويتابعان: لم يتم تصنيف أى من مقالات قسطنطين حول الموضوعات المتعلقة بقطر (قبل يونيو 2019م) على أنها «مدفوعة» (ممولة).. أهمل قسطنطين فى مقال له (نشر بشهر مايو فى العام 2018م) أن يذكر أنه زار قطر لتوه، حيث التقى هناك مع المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية القطرية «لولوة الخاطر» (!)

من الناحية العملية.. يبدو أن إدارة جزء من هذا الملف كانت من مسئوليات «لولوة».. إذ عندما زارت العاصمة الأمريكية (واشنطن) فى مارس من العام 2019م، قامت بزيارة مكاتب صحيفة «واشنطن تايمز» للقاء المراسلين والمحررين هناك، حيث تابعوا تقريرًا (مجانيًا) عن الزيارة (!).. وبعد أقل من أسبوع من الزيارة، أعطت التايمز أعمدة إلى «جاسم بن منصور آل ثانى» (الملحق الإعلامي)؛ ليهاجم من خلالها دول المقاطعة العربية.

يقينًا.. لم تكن تلك فقط، هى حالات ضخ الأموال القطرية داخل وسائل الإعلام الدولية؛ لغسل سمعة «الدويلة الراعية للإرهاب».. إذ منذ العام 2002م كانت قطر عبر عديد من الوسطاء تتحرك بدأبٍ شديد لشراء أقلام فى «ذى هيل»، و«ويكلى ستاندرد»، و«ناشيونال ريفيو».. ومع ذلك.. ستظل كل تلك «الأموال المشبوهة» غير قادرة على تغيير حقيقة أن «الدوحة» (هى إمارة دعم الإرهاب).

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز